-
تكلّمِ اللحظةَ وانسحبْ
آن أوانك كي تترك صمتكَ وتتحدث الآن.
إنّ بعضَ المخبرين يحملون إلينا ما يزعزع ثقتنا فيك، ولم تتزعزع بعد. يحرّضوننا بالأنباء السيئةِ على أن نكرهك، ولم نكرهْك بعد. صمتُك الغامض هذا يلفُّ كل الأكاذيبِ ببعض اليقين، ولا نريد أن نصدق.
من أجل ما ينتظرنا في الأيام القادمة تكلّمِ اللحظةَ وانسحبْ. من أجل الذين أحبّوك يوما وآذاهم ما يسمعون عنك، ومن أجل الذين احترموك ذاتَ موقفٍ وباتوا منزعجين مما يقرأون عنك، اخرج إليهم وتكلم.
أَخْبِرْ أحباءَك بأنك مثلهم تماما، بشرٌ لا يدّعي صنعَ المعجزات. ولستَ كما يتخيلونك، فارساً من ضوءٍ يستطيع لوحده تبديدَ الظّلمة.
أَخبرِ الآخرين بأنكَ لستَ كما يعتقدون، شيطاناً يتلوّن بألف قناع كي يخدعَ الناس ويدمّر الحلمَ بين أيديهم.
أنا أعرفُ أنك لستَ راضياً عن هؤلاء اللصوص والمحتالين المحيطين بك، يتربّصون بأفكارك، كي يسرقوها وينسلّوا... لكن عليك أن تقول لأحبائك إن أعمالاً لا تسميها احتضنوها بحبّ ولا يعرفون أنها كانت بعضَ أحلامك الصغيرة، لم يذكر أحدٌ لهم أنك صانعُها، فذاعتْ بأسماء قادتها الأنانية الغبية إلى تبنّيه.
وأعرفُ أنك تعذر كل الذين ـ تكريماً لك كما اعتقدوا ـ يضعون اسمَك على أعمال لا تُرضي العقلاء. لكن عليك أن تقول للذين يحبونك إن تلك الأعمال ليس لك فيها ومنها سوى اسم قد يفضحك حسب الظروف.
قل للناس إن رأيتم ما لا يحترمُ عقولَ الناس ولا يستجيب لبعض انتظاراتهم، ليس لك، حتى وإن رأوا توقيعك عليه. وإن سمعوا ما لا ينحاز إلى المظلومين والبسطاء ولا إلى أوجاع الوطن وأحلامه، لا يمكن أن يكون لك، حتى ولو قرأوا أنك قائله.
قلْ لهم بكل بساطة إنك أكبر من أن تكون ـ حقا ـ مشاركاً في كل هذه الفداحات التي تمطر البلاد بالعار. وإنك أصغر من أن تكون ـ فعلا ـ صانعا لكل هذه الآلاتِ المنتجةِ للبؤس في كل مكان.
أرجوك، تكلّم.
لن يكون كلامُك ـ إن تكلمتَ ـ نقيصةً تجرحُ كبرياءك، ولا مكرُمةً يتباهى بها أولئك المساكين الذين ظلوا يستهدفون شخصك. إنهم في النهاية جماعة من الكنّاسين لو اجتمعوا كلهم كي يثيروا الغبارَ على السماء، سيثيرونه على أنفسهم، وتبقى السّماءُ هي السماء.
أتذكرُ من قال هذا؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات: