إعلان

  • مِهنة كل المخاطر و.. المهازل



    أُراهن الزملاء في جريدة "أخبار اليوم" أنهم لم يكونوا ليتوقعوا ضربة السيف الجديدة، التي نزلت عليهم، والسيف كما تعلمون أصدق أنباء من.. الصحف، ذلك لأنه في خِضم الإعداد لإقفال الجريدة، بعشرات الأخبار والصور، والمقالات وتعليقاتها، ورسوماتها الكاريكاتيرية.. إلخ، يكون الإنطباع عند طاقم هيئة التحرير، أن العمل لا يعدو كونه يوما آخر وعددا إضافيا، غير أنه انطباع خاطىء، بمقياس مُمارسة هذه المهنة، في بلد رمال الممنوعات "المُتحركة".
    ويُصبح الأمر حُيال ما يقع الآن للزملاء، في "أخبار اليوم" كابوسا حقيقيا، لأن التُّهم التي قذفتها في وجوههم وزارة الداخلية، أشبه بِقَنْبَلَةِ أوراق الجرائد ومِحفظات أقلام بقذائف النابالم.
    هكذا إذن أصبح رسم كاريكاتيري، لم يتجاوز في مضمونه، مُحاكاة هيئة صاحبه، على طريقة "البورتريه" المرسوم، تُهمة ثقيلة، لا تقل عن "مس صارخ بالإحترام الواجب لأحد أفراد الأسرة الملكية".. وبالنظر إلى الحياد المضموني للرسم الكاريكاتيري، فإن الرسالة "الغليظة" من التهمة هي : "ابتعدوا من رسم الشخصيات الملكية، وإلا فالتهمة جاهزة، والعواقب أوخم من الوخيمة".
    أعترف أنني أبتسم منذ الآن، مستحضرا كيف سيُجهد عشرات مُحاميي هيئة الدفاع عن جريدة "أخبار اليوم" أنفسهم، في تبيان بساطة الرسم الكاريكاتيري، لأن الذي رسمه لم "يُعوِّجْ" أنف الأمير، كما لم يُضخم أو يُصغر هيئته، على غرار ما يفعله عشرات مئات فناني الكاريكاتير عبر العالم، مع الشخصيات السياسية والعمومية، فأين هي يا تُرى جوانب المس في الرسم الذي نشرته "أخبار اليوم"؟ إنها توجد في اعتبارات المخزن العتيقة، أو بالأحرى، في أذهان أصحاب القراءات الزائدة، الذين يصدق عليهم القول الشعبي: "قالوا له: هل تعرف في العِلم؟ أجاب: كانعرف نزيد فيه". وقد زادت وزارة الداخلية في العِلم، إلى حد خطير جدا، حينما قررت منع جريدة "أخبار اليوم" من الصدور، دون أدنى سند قانوني، وبذلك منحت دليلا آخر، على أن القوة، وحدها، وليس القانون، هي التي تحكم في هذا البلد.
    ويتسع قُطْرُ الإبتسامة الساخرة في الوجه، حينما نقرأ من بين التهم الثقيلة المُساقة، هذه العبارة الغريبة: "واعتبرت الوزارة (الداخلية) أن استعمال العلم الوطني بنية مُغرضة، يُعتبر إهانة لشعار المملكة، ويشكل مسا صارخا برمز من رموز الأمة" ليس ذلك فقط بل أيضا: "إن استعمال نجمة داوود في الرسم، يثير من جهة أُخرى، تساؤلات حول تلميحات أصحابه، ويكشف عن توجهات مكشوفة، لمُعاداة السامية".
    وهو ما يؤكد أن مُحاميي هيئة دفاع جريدة "أخبار اليوم" سيتحملون عبء، تفسيرات عبثية لاتهامات عابثة، حيث سينبري أحدهم للقول مثلا: "آسيادنا هاذيك راها ماشي نجمة داوود السُّداسية، راها غير ثمانية مُثلثات كايديرها النجار فالعماريات".
    يبدو أننا سنقضي نحن الصحافيون، العمر كله، نشرح لرجال الأمن في "كوميساريات" التحقيق، و للقضاة في قاعات المحاكم، أن ما نقوم به لا يُشكل مسا "بالإحترام الواجب لأفراد بعينهم" مع أن الإحترام واجب لكل الناس، بل نقوم بمهامنا كإعلاميين، نقطة إلى السطر، أمَّا الدخول في متاهات تفسيرات النجوم والشُّهُب والمجرات والكواكب.. وعما إذا كانت سُداسية، وبالتالي مُعادية للسامية أو الحامية، وباقي السلالات البشرية القديمة، فيُحيل على "نقاش" الممسوسين الميئوس منهم، وإذا طال بنا الأمد فيه، فإنني أخشى أن نُصاب بأعراض الحُمق، فنُحال على مُستشفى مُتخصص توضع على مدخله هذه العبارة: "مارستان الصحافيين ضحايا القراءات المخزنية التنجيمية".


    مصطفى حيران

0 التعليقات:

إضافة تعليق

رشحنا في دليل سفنتي للمواقع العربية

اعلان

صوت وصورة

الخروج من فم الثعبان