إعلان

  • حال مغرب اليوم


    كيف هو حال المغرب اليوم؟" كان عنوانا لندوة نظمتها جريدة "لافيريتي" في نهاية الأسبوع الماضي، تدخل فيها سياسيون ومسؤولون حكوميون مغاربة، منهم "امحند لعنصر" و "كريم غلاب" و "لحسن الداودي" و "لحبيب المالكي".. توقفتُ مليا عند رأي لهذا الأخير قاله في الندوة المذكورة هو: "المغرب يشكو منذ القديم، وحتى الآن من غياب للتفكير الوطني".. أعتقد أن ما قاله الرجل صحيح ويدخل ضمن الأمور التي يحسن التذكير بها، بين الفينة والأخرى، لعل الذكرى تنفع.. غير أنني وددتُ لو استمعتُ إلى حديث "المالكي" في هذه النقطة بالذات، لأعرف ما إذا كان قد توقف عندها، بما تستحقه من استعمال دقيق لمبضع التشخيص والتحليل، أم أنه مرَّ عليها مرور الكرام، حسبما فهمته من التغطية المختصرة التي نشرتها "الجريدة الأولى" للندوة.
    لستُ أدري مثلا، ما إذا كان "سي المالكي" قد عرض جملة مُعطيات تاريخية، بصدد موضوع "التفكير الوطني".. ومنها أننا مجتمع إجماعي - من الإجماع - بالرغم من تعدد مكوناتها العرقية والاجتماعية والثقافية، غير أنه للغرابة، فإن تعددنا، هذا لم يُنتج روافد تفكير وأداء مُجتمعي، يصب في نهر المشروع المجتمعي الكبير. فبدلا من ذلك ظل المغاربة إجماعيون، في عز أزمات اختلافهم، وفي نظري فإن ذلك نتيجة لاشتداد حس المركزية السلطوية، في وعينا الجماعي، وهذه واحدة من سمات المجتمعات المُفتقرة إلى خاصية التنظيم السياسي والاجتماعي الحديث.
    وبعيدا عن نبش في المعطيات التاريخية والدينية، ليس من اختصاصنا، فإن فشل قيام تنظيم سياسي واقتصادي واجتماعي حقيقي، يقف حجر عثرة في سبيل بعث "تفكير وطني" بالمعنى الذي يجعل الشأن العام، مجالا للتداول والفعل، بين مختلف مكونات المجتمع. ونتيجة لهذا الفقر الأنيمي، فإن الدولة المركزية تظل تنتج دوما مجتمعها "المناسب" وهو وضع غير سليم بمقياس التطور.
    وإذا عدنا إلى عنوان الندوة موضوع حديثنا: "كيف هو حال المغرب اليوم؟" فإننا نقف على جملة مُعطيات، تصب في تعطيل مجرى التحول، الذي لا مناص منه، في حياة المجتمعات التي تعيش يومها ومستقبلها، وليس الأمس البعيد إلى الأبد. منها – المعطيات – أن النخب السياسية والفكرية والاقتصادية، ترتكن إلى المشاريع الجاهزة، التي تُقَدَّمُ لها، ولا تقترح بدائل من رحم مجالات اشتغالها، فعلى سبيل المثال، فإن صفقة مشروع حكومة التناوب، قُدم على أساس أنه تحول ديموقراطي، في البنية السياسية للدولة، في حين أنه لم يكن يعدو، عملية إعادة إنتاج، لنفس شكل الدولة المتمركزة الأداء، وكان من المثير حقا، أن حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي ينتمي إليه "سي المالكي" قَبِل لعب هذا الدور، ب "فعالية" ومنها أنه تم تعطيل حس "التفكير الوطني" لضرورات" ظرفية، هذا في حين، أن من أساسيات التفكير الوطني، الحقيقي، بناء مشروع متكامل، وبحث صيغ تنفيذه المُعقولة وليس الجاهزة، على غرار ما تتم به الصفقات الخاسرة سلفا. وكانت النتيجة أننا نعيش اليوم وضعا سياسيا، وصفه رئيس حزب الأحرار مصطفى المنصوري ب "عودة المغرب إلى الوراء" مشيرا إلى مسؤولية ظاهرة حزب "الأصالة والمعاصرة" عن هذا الوضع غير الطبيعي.
    وحينما يموت "التفكير الوطني" لدى السياسيين، فإن أهل الاقتصاد، يرقصون على إيقاع ضربات نفس الدف، ومن تم فإن باقي المكونات المجتمعية، تغرق في بحر التلاشي.
    لا محيد من استحضار هذه البديهية: لا يُمكن أن يينع "تفكير وطني" في غياب بنيات اقتصادية واجتماعية حديثة، وفي ركابها تنظيمات سياسية قوية.. وهذا المطلب ما يزال بعيدا.
    في انتظار الذي يأتي ولا يأتي، كما يُقال، فإننا سنظل نُنتج تفكير المٌراوحة والإجماع، ضد مجرى التاريخ.



    مصطفى حيران

0 التعليقات:

إضافة تعليق

رشحنا في دليل سفنتي للمواقع العربية

اعلان

صوت وصورة

الخروج من فم الثعبان