-
نيويورك مربط خيول العرب
يبدأ اليوم في نيويورك الاجتماع السنوي للجمعية العامة للامم المتحدة حيث يتوافد الزعماء ووزراء الخارجية من انحاء العالم للمشاركة بإلقاء الخطابات وعقد الاجتماعات واللقاءات.معظم دول العالم (باستثناء الدول العربية) تشارك في هذا الاجتماع لسببين »1« اظهار مكانتها وقوته، والترويج لسياساتها كما تفعل ايران وفنزويلا. »2« من باب العلاقات العامة حيث يستغل وزراء الخارجية الفرصة لعقد لقاءات مع زملائهم ممن لا يمكن اللقاء بهم إلا في هذه المناسبة والهدف البحث عن فرص تجارية واستثمارية الخ.»اجتماعات الجمعية العامة عند الدول العربية شيء مختلف. فالاستعداد لها يبدأ منذ بداية ايلول حيث يعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب. وتوضع خطة للتحرك من أجل القضية الفلسطينية، بشكل عام، ومن أجل قضايا اخرى يطرحها هذا الطرف العربي او ذاك. ثم يتقاطر الوزراء الى نيويورك، لا يغيب منهم فرد، واحياناً يتواجد الزعماء. حيث تبدأ اخبار الكلمات واللقاءات والصور تتوافد من هناك الى المحطات التلفزيونية والاذاعية والصحافة في الدول العربية، لتنقل الى الشعوب المواقف (الحاسمة) و(القوية) لدعم القضية الفلسطينية. مما يعطي الانطباع بان الفرج قريب، وان معاناة الفلسطينيين وحريتهم اصبحت قاب قوسين أو ادنى. وما ان يمر الوقت حتى يكتشف الجميع بان ما يجري في نيويورك هو مجرد (كرنفال).تذكرني هذه الحكاية، التي تتكرر كل عام، بمثل شعبي تم تداوله، كما يروي في الثلاثينيات والاربعينيات من القرن الماضي. وهو »لندن مربط خيول العرب«. ويرجع ذلك الى ان عاصمة الامبراطورية البريطانية كانت انذاك بموقع واشنطن ونيويورك اليوم، صاحبة القرار اوهكذا كان الساسة العرب يعتقدون الذين اشغلوا كل وقتهم خلف سراب الحلول السلمية، بينما كانت الهاغاناه تستورد سفن الاسلحة الى فلسطين..كانت بريطانيا تتسلى بالعرب. الذين نسوا او تناسوا ان وعد بلفور صناعة بريطانية كاملة. وكلما أمّت الوفود لندن يصدر وعد جديد وتحرك اخر.الكتاب الابيض، الكتاب الازرق، لجنة بيل، اتفاقية نيو كومب، وهكذا. وكل هذه الخطط والمشاريع من اجل الحل لم ينفذ منها شيء، الى ان رُحّلت القضية الى الجمعية العامة للامم المتحدة في عام، 1947 حيث صدر قرار التقسيم، وهو بالمناسبة القرار الوحيد الذي تم تنفيذ الجانب المتعلق منه بالاعتراف بقيام دولة يهودية في فلسطين، وحتى اليوم لم يتم تنفيذ الجانب الاخر المتعلق بقيام دولة فلسطينية.من مستجدات اجتماعات الجمعية هذا العام ان قائد الثورة الليبي معمر القذافي سيذهب الى نيويورك، وانه سينصب خيمته المعروفة في احدى حدائق المدينة وربما يأخذ معه »الناقة« التي رافقت خيمته في اكثر من عاصمة عالمية. طريقة القذافي في الحضور والمشاركة، ببساطتها تُفسر وكأنها محاولة عربية لفرض طريقة حياة وتقاليد على امريكا، التي تعودت أن تفرض عاداتها وثقافتها على كل من يزورها. لذلك تحرك اللوبي الصهويني مبكرا لمنع القذافي من نصب خيمته، واذا نجح الرئيس الليبي فان العبرة من ذلك ستكون باعطاء القيمة الحقيقية لاجتماعات الجمعية العامة، كمناسبة عالمية لا قيمة فيها للخطابات واللقاءات والقرارات، انما المهم شكل الحضور وطبيعة الوفود وكيفية تقديم الزعماء لبلدانهم وانفسهم للعالم.الاجتماعات الحالية في نيويورك، ستتميز بحضور القذافي وشافيز واحمدي نجاد، كما تميزت من قبل بحذاء الرئيس السوفييتي خروتشوف قبل نصف قرن عندما اخذ يضرب به الطاولة امامه احتجاجا على كلمة الرئيس الامريكي. كما انها تتميز هذا العام بخطاب رئيس امريكي اسود. انه باراك اوباما سيد البلاغة ورئيس الدولة الاعظم. والذي سيخيب آمال كثيرين من عواصم العرب.طاهر العدوان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات: