إعلان

  • كذبة الأمن الروحي!!


    (1)
    لازال الخطاب الرسمي بالمغرب يردد الأسطوانة المشروخة عن "الأمن الروحي للمغاربة" وضرورة الحفاظ عليه من المذاهب الدخيلة، والأمن الروحي الذي يتكلمون عنه يشملونه، حتى لا نقول يحصرونه، في المذهب المالكي والتصوف السني على طريقة الجنيد والعقيدة الأشعرية، في الوقت الذي كانت فيه المخابرات المغربية تتلهى بمطاردة من ثبت أنه يعتقد بالمذهب الشيعي الرافضي مع ما رافق ذلك من مصادرة الكتب من أصحابها ومداهمة البيوت واعتقال مواطنين مغاربة قيل أنهم شيعة، ناهيك عن منع دخول الكتب والمجلات والمنشورات الصادرة عن مراكز ثقافية مشرقية يشرف عليها مثقفون ومفكرون لهم ميولات شيعية حتى لا نقول أنهم شيعة عقائديون، كما صودرت كتب وتم منعها أو حجبها من التداول ولم يشفع لها انتقادها لبعض المعتقدات الشيعية مثل كتب عالم الاجتماع العراقي علي الوردي و والمفكر العراقي حسن العلوي وكتابه الرائع الذي ينتصر فيه للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنوانه "عمر والتشيع" والمفكر العراقي كذلك أحمد الكاتب وغيره من المفكرين والأعلام الذين يختلفون مع النظام الإيراني كالعلامة حسين فضل الله وهاني فحص ومحمد مهدي شمس الدين... الخ. كما منعت كذلك كتب ألفها مفكرون محسوبون على المذهب السني دون التبين من الاختلاف المذهبي لهذا الكاتب أو ذلك. مما يعني أن هناك خلط وبهرجة مقصودة تم تجييرها لصالح موقف سياسي لا زال المراقب المغربي يجهل أبعاده الحقيقة. لأن العامة لا مذهب لهم كما قال أحد الفقهاء قديما.
    والسؤال الذي ينبغي طرحه: هل نحن المغاربة مالكيون نسلك طريق الإمام الجنيد في التصوف السني للترقي في مدارك الإيمان وأشعريون في العقيدة كما يشاع ويروج؟
    للإجابة على هذا السؤال يمكن العودة إلى الجهاز الإيديولوجي للدولة بالمغرب، وأي دولة كيفما كانت فلها جهازها الايديولوي، وهما الإعلام والتعليم، فهل برامج القنوات المغربية تسير على هدي إمام المدينة أو تنهل من سلوك الجنيد والعقيدة الأشعرية؟ هل استوديو دوزيم يراعي ما يسمونه بالأمن الروحي للمغاربة؟ هل نجاة عتابو وسعيد الناصري نسيب السي عزوز والداودي والداودية وحجيب وأستاذته الحاجة الحمونية ... الخ. هل هؤلاء مالكيون ومتصوفة وأشعريون ؟
    أما التعليم فيكفي أن تلحظ تلاميذ اليوم لترى العجب العجاب، شاب عقله أفرغ من فؤاد أم موسى، لا هوية ولا ثقافة له، بله أن يكون مالكيا. طيب لنفترض أن المغرب يعاني من التهديد في الأمن الروحي، فعلى صعيد المؤسسات التعليمية نتساءل: ماذا قدمت الدولة لأجل الحفاظ على الأمن الروحي للجيل المغربي المتمدرس؟ هل تم إرسال مؤطرين إلى المؤسسات ليعلموا الشباب أصول مذهبهم، وهل من برامج تحسيسية وورشات عمل وندوات وملتقيات وأنشطة تربوية تستهدف الحفاظ على المشروع المجتمعي للدولة وكذا هويته الدينية والمذهبية؟ لاشيء طبعا من هذا ولا ذاك..
    أما إذا عدنا لعامة الشعب المغربي فنلفي أن الأمن الروحي بالنسبة للمغاربة يتنوع بتنوع حاجة كل مواطن على حدة، فالمقهورون وهم الأغلبية منا يرون الأمن الروحي في الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية وعلوية القانون، والمكبوتون يرون الأمن الروحي في امرأة ينكحونها من دم ولحم وعقل ودين وليست امرأة بلاستيكية كما ذهب إلى ذلك العلامة عبد الباري الزمزمي، وأما الجوعى الذين يتلظون بالطوى الذي يمزق مصارينهم فالأمن الروحي عندهم هو الخبز ولا شيء غيره، وأما المرضى فالأمن الروحي بالنسبة لديهم هو وجود مستشفيات مجهزة وأدوية في متناول القدرة الشرائية لهم، وأما المظلومون فالأمن الروحي بالنسبة لهم في وجود قضاء عادل ومستقل وغير مرتشي ينتصر لهم ضد من ظلمهم، وأما الأمة فالأمن الروحي بالنسبة لها هو تحرير القدس من دنس الصهاينة وكذا تحرير باقي الأراضي المحتلة وديمقراطية حقيقية غير مغشوشة وأن يكون القرار حرا صادرا من رحم الشعوب التي تعاني التسلط والاستبداد...الخ. وهذه مطالب ضرورية دعت إليها الفطرة الإنسانية وأقرتها الشرائع السماوية والأرضية، و اهتم بها الأنبياء والمصلحون والفلاسفة والعلماء والمثقفون على مر التاريخ.
    (2)
    في هذا الصيف طالعتنا الصحافة المغربية بأخبار من أوربا وأفريقيا على خلفية ملف التشيع الذي أصبح بعبعا "يخيف" المسؤولين المغاربة. فنشرت إحدي الصحف المغربية أن المغاربة في مدينة بشرق إيطاليا يدرسون مادة العربية لدى أساتذة إيرانيين. لاحظ إيرانيين فارسيين يدرسون أبناءنا من الجالية المغربية!! السؤال: ماذا قدمت السلطات المغربية التي تقول بأنه تحارب التشيع الذي يهدد أمن المغاربة، للجالية المغربية في الخارج حتى لا تسقط ضحية ما يهدد أمنها الروحي؟؟
    أما في أفريقيا فقد نشرت بعض الجرائد عن نساء مغربيات كن ضحية زواج المتعة في ساحل العاج ومنهن الحاملات، السؤال: وماذا عن النساء المغربيات في الخليج العربي وسوريا والأردن اللواتي يقدر عددهن بالآلاف؟ والله العظيم إني استحييت، ولو كانت الأرض مفتوحة أمامي لدخلتها حين حضرت ندوة حول التنوع والتعدد في الإعلام العربي، وكان أحد الصحافيين من الأردن يتحدث عن 6000( ست آلاف) امرأة، هو قالها بتعبير مهذب، قال بأنهن يشتغلن في الترفيه، فماذا عن هؤلاء؟
    ثم السؤال الأكبر وهو يحرج الدول العربية كاملة أمام إيران، يلاحظ أن إيران تتصارع مع العدو الصهيوني على أفريقيا وأمريكا الجنوبية، وحضورها هناك لافت وبشكل مكثف، لا فرق بين الثقافة والمذهب، أو كل هذا يعتبر ثقافة عندها، فماذا عن حضورنا نحن أهل السنة والجماعة هناك؟؟
    ما أود قوله وهو أن الأمن الروحي للمغاربة وهو الشعار الذي رفعته الدولة في حربها على التشيع والشيعة ما هو إلا ملهاة ليس إلا لمحاربة الفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية بشكل عام والذي امتد إلى منع القرآن لكريم من معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب على عهد وزير الثقافة الاتحادي محمد الأشعري، فأغلبية المجلات التي تأتينا من المشرق هي ليست على قلب رجل واحد، ولا تبشر بأيديولوجينا معينة أو تدعو لمذهب محدد، فكتابها من السنة والشيعة على حد سواء، وهيئتها التحريرية تتكون من مفكرين ومثقفين من جميع المذاهب، بل منهم من لا يؤمن بالمذهبية أصلا، مثل مجلة الكلمة والمنطلق الجديد والوعي المعاصر والعالم..الخ. والسؤال : ما هي المجلات الإسلامية في المغرب التي ملأت الفراغ المهول الذي تركته هذي المجلات في السوق المغربي؟؟
    إنها حرب ضد الثقافة الإسلامية ولا ريب، وهنا أود أن أذكر أنه بعد أحداث 16 ماي الأليمة مُنعت بعض الكتب التي قيل عنها أنها ذات ميول سلفية، فتمت مصادرة كتب لمفكرين كبار من المذهب السني منهم من قضى نحبه ومنهم من لا زال ينتظر. وبعد فتوى المغراوي أغلقت السلطات أكثر من مائة لدور القرآن الكريم دون الاستناد إلى حكم قضائي، في حين لما أفتى الزمزمي بجواز الوحم على شرب الخمر، لم يتحدث أحد عن الحانات المنتشرة كالفطر في كل شوارع المدن المغربية، ولا عن أضرار الخمر على الفرد والأسرة والمجتمع، ولا عن هذه الفتوى الغريبة العجيبة التي لفظها الشعب المغربي بصرف النظر عن التنوع والاختلاف في القناعات والميولات الثقافية والسياسية، ولا متابعة السيد الزمزمي الذي أحل ما حرمه الله، والآن جاء الدور على مجلات أنا أزعم أنها لا تبشر بالمذهب الشيعي الاتناعشري الذي يحكم إيران، إن كان للمغرب الرسمي مشكلة مع إيران طبعا، ولا يتحدث بعض كتابها عن المذهب الشيعي إلا كونه رافدا من روافد الفكر الإسلامي في التاريخ أكثر من الحاضر، بل إن المنع طال كتبا ألفها مثقفون ومفكرون محسوبين على مذهب أهل السنة عبر عناوين تتناول ملف التشيع وينتقدون المذهب الشيعي الاثناعشري.
    الأمن الروحي للمغاربة ...بشااااااااخ...!!
    وهااااااااذي كذبة باينة .....
    هكذا قالت الشيخة نجاة اعتابو . ..
    نعم هكذا ذات مرة في برنامج استوديو خمسة المالكي الجنيدي الأشعري ..

    نور الدين لشهب
    n.lechhab@gmail.com

0 التعليقات:

إضافة تعليق

رشحنا في دليل سفنتي للمواقع العربية

اعلان

صوت وصورة

الخروج من فم الثعبان